المفوضية الأوروبية تطلق «الأطلس العالمي للجفاف» لمواجهة تحديات البيئية
المفوضية الأوروبية تطلق «الأطلس العالمي للجفاف» لمواجهة تحديات البيئية
أطلق المركز المشترك للأبحاث التابع للمفوضية الأوروبية، بالتعاون مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (UNCCD)، "الأطلس العالمي للجفاف"، في خطوة استراتيجية نحو تعزيز الاستعداد لمخاطر الجفاف.
ووفقا لبيان نشره الموقع الرسمي لـ"كوب 16"، الاثنين، تم إطلاق الأطلس العالمي للجفاف خلال المنتدى الذي جمع مسؤولين حكوميين وخبراء من مختلف أنحاء العالم في الرياض، حيث تمت مناقشة أول اتفاق عالمي يهدف إلى تعزيز الجهود في التصدي للجفاف وتحسين الاستعدادات لهذه الظاهرة البيئية المتزايدة.
ويُعد الأطلس العالمي للجفاف بمثابة أداة مهمة تقدم رؤية شاملة ومعمقة حول التهديدات التي يشكلها الجفاف، وهو الأول من نوعه الذي يتناول الجفاف بتفاصيل دقيقة وبيانات موسعة.
توقعات عالمية بشأن الجفاف
كشف الأطلس عن التوقعات المقلقة التي تشير إلى أن الجفاف سيؤثر بحلول عام 2050 على ثلاثة من كل أربعة أشخاص حول العالم، وفي ما يخص أعداد المناطق المتضررة، فإن هذا الرقم لا يشمل فقط المناطق الجافة التي عرفت تاريخياً بتعرضها لهذه الظاهرة، بل يتعدى ذلك ليشمل مناطق أخرى ستواجه تأثيرات شديدة في المستقبل.
ويُتوقع أن تؤثر المخاطر المرتبطة بالجفاف بشكل متزايد على الصحة العامة، وعلى الإنتاج الزراعي، وكذلك على الأمن الغذائي في العديد من البلدان.
الأنشطة البشرية والجفاف
تناول الأطلس في تحليله المتعمق العلاقة بين الأنشطة البشرية والجفاف، حيث أظهر أن الجفاف لم يعد ظاهرة طبيعية محضة، بل هو في جزء كبير منه نتيجة لتغيرات مناخية سببها التوسع في النشاط الصناعي والتدمير البيئي، مثل قطع الأشجار وإزالة الغابات.
وأشار التقرير إلى أن هذه الأنشطة تسهم بشكل كبير في زيادة شدة الجفاف وتوسيع نطاقه الجغرافي، ما يهدد بشكل مباشر استقرار العديد من المناطق.
تأثيرات الجفاف
وقدم الأطلس أمثلة ملموسة على تأثيرات الجفاف في مختلف أنحاء العالم، وأشار إلى المناطق الجافة التقليدية مثل السهول الكبرى في الولايات المتحدة، حيث تتزايد معاناة المزارعين في مواجهة انخفاض الإنتاج الزراعي نتيجة للجفاف المتكرر.
وتناول حالة مدينة برشلونة الإسبانية التي تعاني من نقص حاد في المياه، وهو ما أثر على قطاع الزراعة والسياحة في المنطقة، وتناول الأطلس تأثيرات الجفاف في حوض نهر يانغتسي في الصين، الذي يعاني من انخفاض مستمر في مستويات المياه، مما يشكل تهديداً على الأمن الغذائي في المنطقة.
تعاون دولي
أبرز الأطلس أهمية التعاون الدولي في مواجهة هذه الظاهرة المتزايدة، وشدد الخبراء على أن التصدي لتأثيرات الجفاف لا يمكن أن يتم بشكل منفرد من قبل الدول، بل يتطلب تنسيقاً عالمياً، بما في ذلك تبادل المعرفة والتجارب بين الدول المتأثرة.
وركز الأطلس على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لتحسين السياسات المائية، ورفع مستوى الاستعدادات لمواجهة الجفاف من خلال إنشاء بنى تحتية مناسبة وإعداد خطط استراتيجية للتكيف مع تغيرات المناخ.
استعدادات مستقبلية
دعا الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إبراهيم ثياو، إلى تبني الحلول المبتكرة لتقليص تأثيرات الجفاف، وأوضح أن الأطلس يمثل أداة رئيسية تساعد الحكومات في وضع السياسات والتخطيط المستقبلي للتعامل مع الجفاف.
وأكد ثياو ضرورة تبني استراتيجيات لتطوير أنظمة تحكم في المياه، والحد من هدر الموارد الطبيعية.
ونبه الأطلس إلى التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية المدمرة التي يسببها الجفاف، ففي مناطق مثل السهول الكبرى في الولايات المتحدة، يتسبب الجفاف في تراجع الإنتاج الزراعي بشكل كبير، ما يؤدي إلى زيادة في أسعار المواد الغذائية وتفاقم الأزمات الاقتصادية في تلك المناطق، وفي بعض الدول الإفريقية أصبح الجفاف يشكل تهديداً مباشراً للأمن الغذائي، ما يؤدي إلى اندلاع صراعات على الموارد المحدودة.
التوصيات والسياسات المستقبلية
وأوصى الأطلس بضرورة تحسين السياسات المتعلقة بإدارة الموارد المائية والزراعية، مشيرا إلى أن الحكومات يجب أن تتعاون لوضع استراتيجيات تتضمن توفير المياه وإعادة تشجير الأراضي، فضلاً عن اتخاذ تدابير للتكيف مع تغيرات المناخ.
وأكد أن الخطط المستقبلية يجب أن تركز على استدامة الموارد الطبيعية وتعزيز قدرة الدول على الصمود أمام الجفاف.
ومن خلال هذه التوصيات، يظهر أن التصدي للجفاف يتطلب أكثر من مجرد حلول محلية، بل هو مسألة تستدعي استجابة عالمية وشاملة، مع تعزيز التعاون بين الدول والمجتمع المدني لضمان استدامة كوكب الأرض للأجيال القادمة.